"واعلم أن الإرادة لها تسعه مظاهر في المخلوقات :
المظهرُ الأولُ هو الَميلُ ، و هو إنجذاب القلب إلي مطلوبه ،
فإذا قَوِِِِيَ و دام سُميَ وَلعاً ، و هو المظهر الثاني للإرادة ،
ثم إِذا اشتَدَ وزادَ سُميَ صَبابَةً ، وهو إِذا أخذَ القلبُ في الاسترسال فيمن يحب فكأنهُ انصب كالماء لا يجدُ بُدا من الانصباب ، وهذا هو المظهرُ الثالثُ للإِرادة ،
ثم إذا تَفَرَغَ له بالكُلِة و تَمَكَنَ ذلكَ منهُ سٌميَ شَغَفاً ، و هو المظهرُُ الرابعُ للإِرادة ،
ثم إذا استحكم في الفؤاد و أخذه عن الأشياء سُميَ هَويَ , و هو المظهرُ الخامسُ ،
ثم إذا استوفَي حُكمهُ علي الجَسَد سُميَ غرامًًً ، وهو المظهر السادسُ للإَرادة ،
ثم إِذا نَماَ وزالَت العِلَل الموِجبَةٌ للمَيلِ سُميَ حُباً ، وهو المظهر السابعُ ،
ثم إِذا هاج حتي يَفنَي المُحب عن نفسه سُميَ وُداً ، و هو المظهرُ الثامنُ للإِرادة ،
ثم إِذا طَفَحَ حتي أَفَني المٌحب والمحبوبَ سُميَ عِشقأً ، وفي هذا المَقامِ يَري العاشقُ مَعشوقَهُ فلا يَعرفهُُ ولا يُصيخُ إليه ،
كم رُوِيَ عن مَجنون ليلي أنها مَرَت به ذاتَ يومٍ فَدعَتهُ إِليها لتحد ثَهُ ، فقال لها : دعيني فإني مشغولٌ بليلي عنك .
و هذا آخر مَقامات الوصولِ و القُرب ، فيه يُنكر العارِفُ مَعروفَهُ ، فلا يَبقي عارفٌ ولا مَعروف ، ولا عاشِقٌ ولا معشوق ، ولا يبقي إلا العِشقُ وَحدهُ . "
من كتاب "الإنسان الكامل"....للشيخ عبد الكريم بن إبراهيم الجيلي